هل يحاسب الإنسان على حديث النفس الداخلي؟ هل تؤثر وساوس الشيطان والنوايا السيئة على صلاح عمل الإنسان وإن لم يقم باتباعها؟ كيف يبعد المرء الأفكار السيئة عن عقله؟ هل حديث النفس يوقع صاحبه في التهلكة؟ كلها تساؤلات تجول في خاطر كل منا خوفا من الوقوع في الخطيئة وارتكاب الذنوب والمعاصي.
هل يحاسب الإنسان على حديث النفس
وفي خضم الإجابة عن هل يحاسب الإنسان على حديث النفس والوساوس الداخلية تظهر لنا عدة أمور من الواجب تفصيلها لمنع الغلو في الخطأ، وإبعاد الخوف عن القلوب حيث أن:
- الله سبحانه وتعالى غفور رحيم عظيم العلم لا تفوته فائته، يعلم ما في النفوس وما تخفيه الصدور.
- وقد أكد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أن حديث النفس أمر عادي لا يورث ذنبا، ولا يكسب خطيئة طالما بقي حديثا داخليا لا يؤثر لا على الأقوال ولا على الأفعال.
- ذكر الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أن سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لطالما أمرهم بكثرة الاستغفار والاستعانة بالله على وساوس الشيطان وأحاديث النفس المضللة.
- أجمع علماء الفقه والشريعة الإسلامية على أن حديث النفس لا يورث ذنوبا للإنسان، لأنه جزء من تكوينه حيث أن النفس أمارة بالسوء، ومجاهدة النفس أمر يؤجر عليه صاحبه وينال فضله وثوابه.
الله يعلم ما في الصدور ويتجاوز عن وساوس النفس
وفي ظل تمحيص هل يحاسب الإنسان على حديث النفس تتجلى لنا عدة حقائق واضحة ثابتة لا يجب إغفالها، هي:
- إن الله جل علاه يحيط علما بكل شيء، ولا يخفى عليه أمر، إذ أنه يعلم مافي الأرحام ويعلم موعد ومكان موت كل مخلوق، ومن البديهي أن يكون عارفا بما يجول في الأخلاد.
- إن الملكين الموكلين بإحصاء ذنوب وحسنات كل منا على دراية تامة بالنوايا ووساوس النفس.
- وقد ورد في آيات الذكر الحكيم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ما يؤكد أن الإنسان غير محاسب على أفكاره السيئة بل يؤجر على مجاهدتها ويثاب على عدم الانسياق خلف وساوس شياطينه ونفسه الأمارة بالسوء.
هل يحاسب المرء بما في الخاطر من وساوس وأفكار لابن باز
ولعل أبرز من تصدى لسؤال هل يحاسب الإنسان على حديث النفس هو الشيخ الفضيل ابن باز، الذي عرف بورعه وتقاه واتساع علمه، حيث فند الشيخ:
- وساوس الشيطان التي تبقى وساوس داخلية لا تؤثر على القول أو الفعل تبقى غير مؤذية للإنسان
- الأفكار السيئة التي تجول في خاطر المرء دون أن تنعكس على عمله أو تثبطه عن فعل الصالحات تشملها رحمة الله ويغفرها حلمه الكبير.
- الشيطان وجنده لا يتوانون عن إحداث قلاقل في النفس وزعزعة استقرار سكينة المرء في كل زمان ومكان، وما على الإنسان سوى الاستغفار والاستعانة بالله ضد ذلك.
الفرق بين حديث النفس ووساوس الشيطان
ويشتمل التساؤل حول هل يحاسب الإنسان على حديث النفس على وساوس الشيطان أيضا، إذ أن الفرق بينهما موجود واضح، على الرغم من أن كليهما قد يودي إلى المعاصي، حيث أن:
- إن التفكير حول الأمور التي تأباها النفس وتعافها الفطرة، ولكن تلح الرغبة على عملها هي إحدى وساوس الشيطان التي يجب النأي بالنفس عنها.
- أما التفكير بالأمور التي يميل إليها الأنسان ويرغبها في باطنه ولكنها قد لا تكون بحوزته، سواء كانت صالحة أم طالحة هي عبارة عن أفكار وهواجس نفسية.
- تتهافت وساوس الشيطان على الإنسان الذي يتخذ الضلالة طريقا له ويتزين بارتكاب المحارم والذنوب.
- تقبل وساوس الشيطان والسعي في طريقها هو أول خطوات المعصية.
طرق مجاهدة النفس ضد أفكارها ووساوسها
وعند الفهم الصحيح لسؤال هل يحاسب الإنسان على حديث النفس تتجلى الطرق السليمة لمجاهدة النفس، حيث أنها:
- التمسك بذكر الله، والاستعانة بالصلاة والصيام.
- كثرة الاستغفار والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
يعتبر التفكير حول هل يحاسب الإنسان على حديث النفس أحد علامات الورع والتقى، علاوة على الرغبة الكامنة بانتهاج شرع الله وترك الذنوب واعتزال المعاصي.